ما المشكلة في كتب تطوير الذات؟
3 أسئلة لجعل تطوير الذات أكثر فاعلية

 

لطالما كان الإنسان في رحلة مستمرة للنمو وصناعة معنى للحياة.
لكن في طريق تطوير الذات، هناك بعض العثرات التي قد تعيق التقدّم الحقيقي.
إليك ٣ أسئلة يمكنك أن تطرحها على نفسك، لتجعل من تطوير الذات قوة للخير… لك ولمن حولك.

بواسطة : Michael Miller

هل أنت من الأشخاص الذين يقرؤون كتب تطوير الذات لحل مشكلة ما أو لتحسين حياتهم؟
إذًا، أنت واحد من بين ملايين يساهمون في دعم سوق تطوير الذات، الذي تتجاوز قيمته 11 مليار دولار.
إذا سبق لك أن قرأت كتابًا، أو استخدمت تطبيقًا، أو حضرت محاضرة تعدك بسر الحياة… فقد خضت تجربة تطوير الذات.

يصف البعض هذا المجال بأنه يشبه “دفعة سكر” للمشاعر: توقعات عالية جدًا لحلول سريعة، يتبعها غالبًا خيبة أمل وانهيار.
ورغم أن هذا لا ينطبق على كل محتوى تطوير الذات، إلا أنه يسلّط الضوء على بعض المشكلات الحقيقية في هذه الصناعة:
انعدام الرقابة على الجودة، الدوافع الربحية التي تؤدي إلى الوعود المبالغ بها والتبسيط المُخل، والتركيز المفرط على الأنا والسعادة.

فكيف يمكنك الاستفادة من محتوى تطوير الذات بطريقة تقود إلى تعلّم ونمو حقيقي؟
إليك 3 أسئلة تستحق أن تطرحها على نفسك، واقتراحات لمساعدتك على اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على الذكاء العاطفي.

كيف تتعامل مع تطوير الذات بذكاء عاطفي: ٣ أسئلة قوية

١. من هو الخبير بنا ؟

في العقد الأخير، شهدت كتب تطوير الذات ازدهارًا غير مسبوق. ففي الولايات المتحدة وحدها، ارتفع عدد كتب تطوير الذات المنشورة من 30,897 كتابًا في عام 2013 إلى 85,253 كتابًا في عام 2019، وازدادت المبيعات من 1.4 مليون إلى 4.3 مليون خلال نفس الفترة
(المصدر: Publishing Perspectives). وليس الأمر مقتصرًا على العالم الغربي فقط، فكتب تطوير الذات تتصدّر قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في الصين أيضًا في السنوات الأخيرة.

في عالم أصبح فيه “الجميع خبراء”، تبرز مشكلة شائعة وهي تضارب النصائح. هل عليك أن تنجز أكثر؟ أم أن تمارس الهدوء وتفعل أقل؟ هل تحمّل تطبيقًا للتأمل؟ أم تحذف التطبيقات وتبتعد عن هاتفك؟ هل تضع قائمة مهام؟ أم تتبع التدفق الطبيعي للأمور؟
تضارب النصائح هذا يكشف عن حقيقة مهمة حول مجال تطوير الذات: كل كاتب يشارك تجربته، أو رأيه، أو طريقته التي نجحت معه هو شخصيًا. من السهل أن نعتقد أن هذه الطريقة ستنجح معنا أيضًا، لكنها في الغالب لن تكون بنفس الفعالية.

في Six Seconds، نعلّم مبدئين أساسيين: “لا يوجد حل واحد صحيح” و “الحكمة تنبع من الداخل”.

“لا يوجد حل واحد صحيح ” تعني أنه لا توجد حلول واحدة تناسب الجميع. يمكنك أن تتعلّم من أفكار جديدة، لكن ليس كل حل مناسب لكل شخص.
أما “الحكمة تنبع من الداخل” فتعني أنك، في نهاية المطاف، الأعرف بنفسك. أنت مصدر حلولك الخاصة، وأنت قادر على التعلّم، والإبداع، واتخاذ خطوات لمساعدة نفسك من خلال التحديات.

إليك اقتراحين لتطبيق هذين المبدأين عند التعامل مع محتوى تطوير الذات:

تبنَّ عقلية “العالِم في ذاته”: راقب نفسك عند تجربة أفكار جديدة، وجرّب حلولًا، وتخلَّ عن ما لا يناسبك. اعتبر هذه التجارب رحلة تعلّم لاكتشاف ذاتك بشكل أعمق.

كن متشككًا بشكل صحي تجاه الوعود الجاهزة والضمانات المطلقة: صناعة تطوير الذات موجّهة بالسوق، وغالبًا ما تُباع الحلول البسيطة أكثر من الاعتراف بأن الحياة معقّدة ومليئة بالغموض! عندما تكون توقعاتك واقعية، يمكنك أن تفتخر بنموك دون أن تشعر بالإحباط إذا لم تنجح كل تجربة.

٢. هل هذا سيجعلني سعيدًا؟

وفقًا لنموذج العواطف لروبرت بلوتشيك، هناك ٨ مشاعر أساسية و٢٤ تفرّعًا وتركيبة منها.
لكن غالبًا ما ينحصر محتوى تطوير الذات في شعور واحد فقط: السعادة — كيف تجدها، وتحافظ عليها، وتصنع حياة مليئة بها.

هذا التركيز المفرط يقود في النهاية إلى الإحباط، لأن الشعور بالسعادة طوال الوقت ليس هدفًا منطقيًا أو قابلًا للتحقيق من الأساس.

من الطبيعي أننا جميعًا نبحث عن شيء يجلب لنا السعادة العميقة ويخفف من معاناتنا، لكن هذا السعي قد يكون مبسطًا أكثر من اللازم، وقد يبعدنا عن طريق التعلّم والنمو الحقيقي.
المعاناة جزء من الحياة، وإذا كنا نحاول أن نكون سعداء طوال الوقت، فسنواجه خيبة أمل مستمرة، لأن السعادة الحقيقية تأتي مترافقة مع مشاعر أخرى.

فما الذي يمكننا فعله بدلًا من ذلك؟

في Six Seconds، نعلّم أن كل المشاعر لها معنى وهدف، والحكمة تكمن في اكتشاف ما تحاول المشاعر إخبارنا به.
فهم رسائل المشاعر هو جوهر الرحلة. أما محاولة إيقاف أو كبت المشاعر “السلبية”، فهي غالبًا ما تزيد من تعاستنا، لأنها تخلق صراعًا داخليًا مع أنفسنا.

إليك بعض النصائح للتعامل مع هذا التحدي، والاقتراب من مفهوم أكثر شمولية لتطوير الذات:

اسمح لنفسك أن “تشعر” بمشاعرك، وتدرّب على التعامل مع المشاعر الصعبة أو القوية. معظمنا تربّى على تجاهل أو كبت المشاعر المؤلمة، لكن تنوّع مشاعرنا هو ما يجعل الحياة عميقة ومذهلة.

دوّن مشاعرك خلال اليوم. خذ استراحة عدة مرات في اليوم، وسجّل ما تشعر به في تلك اللحظة.
هذه العادة تساعدك على الجلوس مع مشاعرك بدلًا من إنكارها أو الهروب منها.

٣. هل تطوير الذات أناني؟

بطبيعته، يرتكز تطوير الذات على “الذات”.
لكن الأدلة تتزايد على أن التعلّم والنمو الحقيقيين لا يكونان مكتملين إلا إذا شملا الآخرين أيضًا.
إذا تحوّل تطوير الذات إلى دائرة مغلقة من التحسينات الشخصية لمجرد التحسين، وكان السهم دائمًا يشير إلى الداخل فقط، فقد يؤدي ذلك في الواقع إلى تعطيل نموك.

لكن ماذا لو كان بإمكانك أن تساعد نفسك وتساعد الآخرين في الوقت ذاته؟
كيف يمكن أن تعيش رسالتك في الحياة بطريقة تُمكّن الآخرين أيضًا ليكونوا أفضل نسخ من أنفسهم؟

نحن جميعًا نبحث عن التقدير، والاعتراف، والدعم، ولكن من خلال الاتصال الحقيقي مع الآخرين، يمكننا أن نصبح أكثر من مجرد مجموع أجزائنا.
هل ترغب بالنمو فعلاً؟ تعلّم كيف تساعد الآخرين على النمو.

في نموذج الذكاء العاطفي من Six Seconds، الجزء الثالث من النموذج هو “امنح نفسك” Give Yourself، وهو الجزء الذي ينظر إلى الخارج:
يتعلّق ببناء علاقات، وربط أفعالك اليومية بهدف أسمى.

إليك اقتراحين لجعل تطوير الذات قوة إيجابية لك ولمن حولك:

انتقل من التفكير قصير المدى إلى التفكير طويل المدى
عند اتخاذ قرار، اسأل نفسك:
“ما الذي سيكون مهمًا بشأن هذا القرار بعد ٥ أو ١٠ أو حتى ٢٠ سنة؟”
فكّر في الإرث الذي تريد أن تتركه خلفك، وما الذي ترغب أن يقوله الناس عنك في حفل تقاعدك أو حتى جنازتك.
التفكير بعيد المدى يُخرجك من فقاعة اللحظة ويساعدك على توجيه تعلّمك نحو أهداف ذات معنى.

حدّد هدفًا يتجاوز المال أو السعادة
وجود شعور بالهدف يرتبط بارتفاع مستوى الرضا عن الحياة، وصحة بدنية ونفسية أفضل، بل وطول العمر.
ولهذا، فإن أعلى كفاءة في نموذج Six Seconds للذكاء العاطفي هي: السعي نحو أهداف نبيلة (Pursue Noble Goals)،
وهي تعني أن تربط اختياراتك اليومية بهدف أسمى وملهم، يكون بمثابة رسالة شخصية مختصرة لحياتك.

✳️ لتكون أهدافك “نبيلة”، يجب أن تتحقق فيها ٥ معايير أساسية:

  1. غير قابلة للتحقيق في حياتك – هدف طويل الأمد يتجاوز المهام اليومية، ويمنحك بوصلة للتركيز بعيد المدى.
  2. توجّه خارجيًا – رغم أنك ستستفيد، إلا أن الهدف الأساسي هو إفادة الآخرين.
  3. يشمل جميع جوانب حياتك – الهدف يخدمك في العمل، كما يخدمك في العائلة والعلاقات والنمو الشخصي.
  4. يدفعك للاستيقاظ صباحًا – يُلهمك بعمق ويمنحك طاقة حتى في أصعب الأوقات.
  5. لا ينتقص من أحد – لا يحتاج أحد أن يكون “أقل منك” أو “مخطئًا” كي تسعى نحو هدفك النبيل، وهذا يحميك من الوقوع في فخ الأنا أو الصراع على السلطة.

هل يحقّق هدفك النبيل الحالي هذه المعايير الخمسة؟